تهــديد الروابــط الأسـريـة؟

ساعات العمل الطويلة ... هــل تهــدد الروابــط الأسـريـة؟

عندما تفرض ظروف الحياة أن يعمل الزوج حتى آخر النهار ، ويعود الى بيته منهكاً وعندما تتمسك الزوجة بعملها لتساهم في توفير دعم مالي إضافي لأسرتها ، أو تريد من ذلك إثبات وجودها وتحقيق ذاتها...
عندها بإمكاننا السؤال عن تأثير كل ذلك على الروابط الأسرية ؟‏
وهذه ظاهرة موجودة وفي العديد من الأسر وتفرض تغييب العلاقات الاجتماعية ، ما يدفعنا للسؤال كم من الوقت يمكن لهذه العلاقات الأسرية أن تدوم دون أن تنهار في ظل انشغال الزوجين .‏
فإعادة ترتيب الحياة الأسرية أسمى من أي شيء آخر ... فيما يلي نلقي الضوء على حالة الاغتراب التي تعيشها بعض الأسر بسبب ذلك...‏
- طلبت من زوجتي التخلي عن عملها هكذا بدأ - طلال حديثه :‏
لكنها رفضت ، وطلبت مني أن أترك عملي الليلي والبحث عن عمل آخر‏
- ولو بحثت عن آخر لن أجده لأنني موظف في مصنع وعملي مسائي... ويضيف : من هنا بدأت المشكلات مع زوجتي وبدأت تكبر وتتفاقم ، ولم يكن لدينا وقت لمناقشتها ، لأن زوجتي تعمل (مدرّسة ) فهي تذهب في السابعة صباحاً وحتى الواحدة ظهراً ، بينما أصل الى البيت في الساعة الثامنة صباحا لأرتاح من عملي الشاق والمجهد في المصنع طوال الليل ... فأخلد للنوم للساعة الثالثة ... وحتى لهذه الساعة تبقى زوجتي خارج المنزل تعطي دروساً خصوصية ، ومشرفة على مجموعة من التلاميذ تراقب واجباتهم وتساعدهم على حفظ دروسهم .. وتحضر الى المنزل عند الساعة السادسة مساء - لتجدني أستعد للذهاب الى عملي في المصنع .. وهكذا بدأت حياتي الزوجية بهذه الرتابة المملة‏
حتى أنني لم أشعر يوماً أنني تزوجت وأستعد لتكوين أسرة، لذلك كان الطلاق هو الحل الأنسب لي ولزوجتي قبل أن نرزق بأطفال سنظلمهم بوضعنا هذا.‏
-أما السيدة منال فقالت : أعمل أنا وزوجي بعمل خاص لكن في مكانين مختلفين ، ولدي أربعة أطفال ، عملي يتطلب ساعات طويلة خارج المنزل من الساعة 8 صباحاً حتى 6 مساء وقت وصولي الى المنزل .. كذلك زوجي من الساعة 8 صباحاً الى الساعة 11 ليلاً كونه مضطراً للعمل ساعات إضافية أيضاً.. وأضافت : منذ وصولي الى المنزل وحتى مجيء زوجي أكون قد أنهيت نوعا -ما - أعمالي المنزلية بعد أن أخذ التعب مني كل مأخذ.... صحيح أننا تعايشنا مع واقعنا وظروفنا لأن مايجمعنا هو التفاهم والحب والاحترام ، لكنني وجدت نفسي مهملة لأطفالي وبعيدة كل البعد عنهم، ولم أعد الصدر الحنون لهم فالفوضى شعارهم واللامبالاة طريقهم واستشعرت بناقوس الخطر يطرق بابي لذلك قررت ترك عملي والتفرغ لأطفالي ولدراستهم لأن مافائدة المال أمام فشل أولادي لتحصيلهم العلمي ... وفي الوقت ذاته لا أمانع بإيجاد عمل ساعاته أقل من عملي الذي كنت أزاوله لأحقق بذلك التوازن المطلوب بين أسرتي وعملي .‏
وتقول السيدة حنان بأنها بائعة لدى محل تجاري وبدوام صباحي من الساعة العاشرة صباحاً وحتى الخامسة مساء ، أما زوجها فيعمل ممرضاً وبدوامين بمشافٍ عامة والآخر بمشافٍ خاصة . أي أن معظم وقته خارج المنزل . حيث نجتمع سوية / فترة مابعد العصر / ولمدة ساعتين فقط.‏
وفي هذا أهتم بأطفالي وتدريسهم إضافة لاهتماهي ببعض الأمور الضرورية في المنزل ، أعترف أن الوقت غير كاف لنتحدث ونتناقش بأمور عائلتنا، ورغم ذلك نحاول قدر الإمكان التكيف مع هذا الوضع من أجل مستقبلنا.‏
- وحول هذا الموضوع يؤكد المختصون بهذا المجال بقولهم : إن السلبية لن تطال المجتمع ككل ، لأن هذه الحالات ليست عامة بل خاصة الى حد - ما-‏
خاصة وان مجتمعنا العربي يعنى كثيراً بالحياة الأسرية كونها تمثل جزءاً كبيراً من عاداته وتقاليده ... لكن تبين أن 80٪ من مشكلات الأسر سببها عدم التباحث بمشكلات الأسرة مدة كافية لكن ليس بسبب الأعمال خارج المنزل فقط .‏
ماينعكس على المراهقين الذين يعانون فجوة في علاقاتهم بأبويهم ... لذلك يشدد المختصون الاجتماعيون على تماسك الأسرة، وتكيفها مع وضعها الوظيفي الذي لا يسمح بالتقاء أفرادها والتباحث لفترات طويلة ... لذلك يجب أن تكون عطلة نهاية الأسبوع مقدسة بالنسبة للعائلة بإعداد نشاطات مشتركة .. صحيح أن الأبوين غالباً مايعانيان من الارهاق بعد أسبوع طويل من العمل ، لكن الحياة الأسرية والأولاد حق عليهما يجب أخذه بعين الاعتبار لمن يريد أن تكون أسرته متماسكة ومترابطة ، ومهما كانت الظروف صعبة ، لا بد من وجود وقت يتحدث فيه الزوجان عن خططهما ويومياتهما وحياتهما مع أطفالهم .