الطابور الخامس

الطابور الخامس

لا يمكن للإنسان أن يقف لا مبالياً أمام آفة تنهش لحمه وعظمه وتنهي مفعول عقله..كما أنه من الصعب اتخاذ موقف محايد ..المعضلات التي تجعل من الحياة مرارة مزمنة ومن المستقبل ظلاماً دامساً عديدة المنشأ..أهم مصادرها هو داخلي وله علاقة أساسية مع طريقة التفكير وأسلوب الحياة ثم المقدرة على اكتساب الخبرة والممارسة الحضارية ..إنه الجهل..وما هو خارجي..إن كان الاستعمار أو اسرائيل أو الصهيونية أو..أو..كثيرون هم الذين ينعمون بالقيلولة والعطالة الحركية والفكرية في ظل هذه العوامل الخارجية التي تعيق مما لا شك به حركة التطور! إلا أن تأثيرها ثانوي.

لا أحب أن أنضمم إلى جوقة المستغيثين بالله والذين يطلبون منه ليلاً نهاراً أن يلعن الاستعمار والصهيونية ويبعدهم عنا..إذ لو استجاب الله لهذا الدعاء وأبعد الشياطين عن المستغيثين فلا أظن أن أزمة الانتماء وأزمة الاتكالية سوف تزول فوراً وتُقلب مجتمعات هذا المشرق بين ليلة وضحاها إلى مجتمعات تمارس التقدم والحرية ثم الديمقراطية..تحيا سعيدة وتسعد غيرها.

لا أظن أن إبعاد أمريكا واسرائيل عنا كفيل بأن يقدم لنا امكانية الممارسة الحضارية للحياة وإنما يزيل فقط بعض العقبات..إن ما يؤمن الرفاه الحضاري ليس إلا عملية تجديد داخلية تحول الجماعة إلى مجتمع يفكر ويرفض العيش تحت ديكتاتورية فكرية هي في المضمون والممارسة قاتلة!

العدو الأول هو ذو المصدر الداخلي والذي يمكن تشبيهه بالطابور الخامس الذي يستطيع التخريب ويقوم به أيضاً..هذا الطابور هو الجهل وما ينتج عنه من تصرف انبطاحي أمام الديكتاتوريات الفكرية التي من أهمها ديكتاتورية التفكير الديني الذي تغلغل في الذات الإنسانية وأصبح تقريباً جزءاً منها.. يلزم الإنسان على الانصياع وبالتالي الضياع في هذا العالم.هذا الانصياع أو القبول المطلق يولد الرفض المطلق. الرفض الأرعن الذي قد ينتهي بالكثير من سفك الدماء (الثورة الفرنسية).. ديكتاتورية فكرية تنتهج مبدأ التجزئة Fragmentation تولد شعوراً جامحاً باتجاه الأنانية والشوفينية القومية (الرايخ الثالث)..والعقل الذي يعكس بالشكل الطبيعي الصورة يتطور إلى عكس الخيال والحلم إذا كانت الصورة التي يتعامل معها مشوهة غيبية ومنهكة له ولقدرته على فهمها..(الحالات الحلمية العربية).

فقدان القدرة على ممارسة الدنيوية العقلية التي تسمح للعقل بالتعامل مع الواقع وليس مع الخيال والتي تحول التجزؤ والشرذمة إلى اتحاد قومي وقوي سببه وجود الطابور الخامس الذي يستطيع أن يخرب ويقوم بهذا التخريب!

العلمانية أو بالأصح الدنيوية العقلانية تجد في هذا المجتمع العديد من الصعوبات ..أهم هذه المصاعب هي مصائب القوى التي لا تريد للدنيوية أن تهتم بهذه الدنيا..لأن هذا الاهتمام يلغي هذه المراكز التي تحصن نفسها بالقدسية والفوقية والحصانة الإلهية!

كيف علينا أن ننظم مجتمعاً حراً ديمقراطياً بدون مكافحة الغيبيات والرجعيات التي تتمثل بشكل عام بالتيار الديني المحافظ والذي يرفض العودة إلى الصوامع ولا يريد إلا شكلاً وحيداً من المشاركة الفوقية..يحلق في السماء ويرفض الهبوط على الأرض.. ومن هناك من بعيد وبعيد يقول لنا ماذا علينا أن نفعل..الويل ثم الويل لمن عصى..هناك العصا!

لا تحرير سياسي بدون تحرير ديني..ولا تحرير ديني بدون العمل والكفاح والتوعية والعلم والثقافة والموضوعية والعقلانية ثم النزاهة والصدق والأمانة..النشاط والاحترام والصراحة..كل هذا ضروري للتحرر من الشعوذات والتدين الزائف الذي ليس له إلا هدف واحد ألا وهو التسلط!.

الحياة ليست وقفة عز فقط..إنما يجب أن تكون حالة من العز الدائم.

شكرا للاخ زوربا على هذا الموضوع القيم
وكلنا امل ان بكره يكون احسن لا اليوم افضل من الامس

:كل الشكر

مشكور أخي أحمد على مرورك الكريم
نورت متصفحي بمرورك الغالي
تقبل كل الاحترام

اخي الكريم احذر ان تكون من دعاه العلامانيه ان التيار الديني المحافظ الذي تتحدث عنه هم من حملوا لواء الدين والا صرنا شعوبا اسلاميه بدون هويه ان الاسلام اخي الكريم هو دين كل زمان ومكان فكيف اخي الكريم نكافح الغيبيات الانؤمن بان هناك اله ينظم الكون امرنا بعبادته الم يخلق ملائكه سيارون بالليل والنهار يعبدونه ويسبحونه اليسوا من الغيبيات الجنه والنار اي مجتمع حر ديمقراطي تقصد هل نبحث عن دين مودرن علي الموضه اخي الحبيب ليس كل موضوع ننقله بدون ان نعيه جيدا حرصا علي شرع الله وسنه نبيه لا للفلسفيات التي قد تودي بنا الي المهالك " مايلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد " صدق الله العظيم